مدرس اللغة العربية للناطقين بغيرها المعرفة والأداء

» أنا الدليل، أنا الدليلُ
أنا لغتي أنا
وأنا معلّقة… معلقتان… عشرٌ، هذه لغتي
أنا لغتي. أنا ما قالت الكلمات:
كنْ
جسدي، فكنت لنبرها جسدا … «
محمود درويش

يعد المدرس المحرك الأساس والدليل في العملية التعليمية التعلمية، إنه قطب الرحى في ضوء الدراسات الحديثة، إذ هو المرشد والموجه وحجر الزاوية المنسوب له فضل نجاح أهداف التعليم، كما إليه يرجع مرد إخفاقها. وأمام الإقبال المتزايد على تعلم اللغة العربية من الناطقين بغيرها بات شأن إعداد المدرس مطلبا ملحا، والخوض في صفاته وخصائصه وما ينبغي توافره فيه حاجة أفيضت مدادا ببحوث ودراسات أولى فيها الباحثون مدرسي اللغة العربية في هذا المجال جل اهتمامهم، بل نظمت حولها مجالس وندوات وورشات ومؤتمرات علمية، كما أقيمت لها دورات تكوينية عملية وتداريب ميدانية، إنها حاجة أضحت الرحم الكوني الذي تخلق فيه مجال تدريس اللغة العربية كلغة ثانية.

وإيمانا أن مرامي برامج تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها لا تتبلور وتتجسد إلا من مدرس واع، عارف بمسلكه، ومتمكن من شعاب تخصصه وفنونها، يسير بطلابه طرق اللغة فيحل صعابها ويذلل عويصها، ويعزز فيهم استعمالها ليصل بهم إلى حيث تنجلي العربية من كلامهم وفكرهم منبثقة فيغدون مدركين لها ممارسة واكتسابا، معبرين بها عن أحوالهم وأفكارهم ومشاعرهم. كانت القابلية والتمكن ناهيك عن المؤهلات والمهارات الواجب توافرها فيه غاية مثلى لتحقيق النجاعة في العملية التعليمية ذات الصلة بهذه الشريحة.

وتحت ظل أرخى سدوله بموفور الدراسات والبحوث والمقالات بين مكثر ومقل، يتأطر ويختزل أداء مدرس اللسان العربي لغير الناطق به في استيفاء كفايات رئيسة أولها؛ لغوية أكاديمية، ثانيها؛ تربوية مهنية، ثالثها؛ ثقافية، وكلها في علاقات وتقاطعات تبادلية تكاملية تحت لواء المعرفة التي تستلزم العلم بمعارف وقيم تربوية ولغوية وثقافية، علاوة على تطوير الممارسات التعليمية والخبرات التربوية والسلوكيات النفسية نظريا وعمليا. وعلى عتبة التجريب والتجديد تجسيدا وأجرأة بالأداء التعليمي والمهني، بحيث تؤثر الخبرات في دقة الاختيار وسلامة الأولويات، والمقدرة على تقديم وتفعيل نوعي.

إن هذا التلاقي حد التماهي بين المعرفة والأداء في دائرة الكفايات ينظم وتنتظم فيه مهارات اللغة العربية، بحيث إذا وقع الخطأ أو خلط من لدن الطالب وجدان العملية التعلمية التعلمية قدر المدرس أن يرده إلى الأصول التي تضبط هذا النظام والطريق الذي تسلك فيه مهارات اللغة.

لا مناص أن كفاءة مدرس اللغة العربية للناطقين بغيرها تفتح فيها نوافذ كثيرة بعضها متصل بشخصية المدرس وتطلعاته، كما للموهبة والإبداع دور إيجابي في المعترك، وبعضها يرجع إلى معارفه وانفتاحه الثقافي وقرار فكره، والقيم المهنية المرصعة بالخبرات والتجارب التي يرصها جميعا فسيفساء أثناء ممارسة العملية التعليمية التعلمية؛ لا في نسختها الصفية بحجرة الدراسة والمنوطة بالإعداد والتهيئة والتوجيه فحسب، بل إدراك أهمية التتبع والمواكبة والدعم الخارج صفي إبان الممارسات الفعلية لفنون اللغة وكسب مهاراتها، واستخدامها بصورة طبيعية في كثير من نواحي الحياة آن الأنشطة الثقافية على تنوعها واختلاف استثماراتها، وتعزيزها بالتقييم والتقويم المستمرين مما يعود بفاعلية على نوعية المخرجات التي يرتضيها كل من المعلم والطالب والمؤسسة التعليمية في آن واحد.

على هامش فعاليات اليوم الأول من الدورة التكوينية لأساتذة اللغة العربية للناطقين بغيرها -أكتوبر 2019- بالمركز اللغوي العربي قلم ولوح ، تحت محور ”التمهين في التدريس”.

ذ. زكرياء الملوكي

This entry was posted in Uncategorized. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *